يقول سيد قطب في تفسيره: (يلحظ في هذه الآية -وفي كثير غيرها- أن التوجيه إلى البِر يبدأ بذوي القربى -قرابة خاصة أو عامة- ثم يمتد منها ويتسع نطاقه من محورها، إلى بقية المحتاجين إلى الرعاية من الأسرة الإنسانية الكبيرة). [١٥] حد الجوار اختلف الفقهاء في حد الجوار، ومن هو الجار الذي له حق الجوار؟ إلى عِدَّة أقوال على النحو الآتي: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ حد الجوار أربعون جاراً في كل اتجاه، [١٦] واستدلوا بما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام قال: (حَقُّ الجارِ أربعونَ دَارًا هَكَذا وَهكَذا وَهكَذا وَهكَذا يَمينًا وشِمالًا وقُدَّامًا وخَلْفًا). [١٧] وذهب المالكية إلى أن الجار هو الجار المُلاصق من أي جهة من الجهات، أو هو الجار المُقابل له بحيث يكون بينهما شارعٌ ضيِّقٌ، على ألا يفصل بين الجوار فاصلٌ كبيرٌ، مثل السوق أو النهر المُّتَسع، أو الجيران الذين يجمعهما مسجدٌ أو مسجدان مُتقاربان، إلا إذا دلّ العرف في بلدٍ على غير هذا الحد، فيُؤخذ بالعرف حينها في تحديد الجار. [١٨] وحَمل المالكية حديث: (أنَّ رجلًا أتَى النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يشكو جارًا له، فأمر النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بعضَ أصحابِه أن يناديَ: ألا إنَّ أربعين دارًا جارٌ).